أسطورة حوريّة البحر والسّكارى –
لشاعر تشيلي بابلو نيرودا (1973-1904)
بقلم بهجت عباس*
(الترجمة مهداة إلى الدكتور عدنان الظاهر)
كلّهم كانوا هناك ، أولئك الرجالُ ، في الداخل،
عندما جاءت عاريةً تماماً.
كانوا قد شربوا : بدأوا يبصُقـون .
حديثاً آتية من النهر، ما عرفت شيئاً.
كانت حوريَّةَ بحرٍ ضلّتْ طريقَـها .
الإهانات انهالت على جسدها المضيء.
أغرقت البذاءات نهديْها الذّهبيّيـن.
لم تعرف ما الدموع ، لم تذرف دمعاً .
لم تعرف ملابسَ ، لا تملك ملابس .
سوّدوها بفلّين محترق وأعقاب السّجائر،
وتـرنّحوا حولها ضاحكين على أرضيّة الحانة .
لم تتكلّم ، لأنها لا تملك النطق .
عيناها كانتا بلون الحُبّ النـائي .
ذراعاها التوأمان كانتا مصنوعتين من توباز أبيضَ .
تحرّكت شفتاها ، بصمت ، في ضياء مرجاني ،
وفجأةً خرجتْ من تلك الباب
بغطسها في النهر نُظِّـّفَـتْ ،
مشعّـة كحجر أبيض في المطـر ،
ومن دون النظـر إلى الوراء سَبحتْ مرة أخرى
سَبحتْ نحو الفراغ ، سَبحتْ نحو الموت .
-----------
* المصدر: الحوار المتمدن, العدد: 2774 – 19.9.2009
www.ahewar.org
|